اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
أسئلة وأجوبة الكلية التقنية
3799 مشاهدة
حقيقة العلم

كذلك ننتقل إلى حقيقة العلم. العلم الصحيح الذي ورد فيه هذا الفضل هو ما علمه الأنبياء أممهم، وما ورثه الأنبياء عن أممهم؛ هذا حقيقة هو العلم الصحيح وهو علم الشرع علم الديانة، العلم الذي جعله الله تعالى سببا ووسيلة إلى نيل كرامته وإلى العمل بطاعته. ولا شك أن ما سواه فإنه من الشواغل؛ ولذلك يقول بعض الشعراء:
العلـم قــال الله قــال رسولـه
قــال الصحابـة ليس خلـف فيـه
يعني هذا هو حقيقة العلم؛ الذي فيه قال الله قال رسوله قال الصحابة الذين هم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا العلم.
ما العلم نصبك للخلاف سفاهــة
.................................
أي: ليس العلم أن تنصب الخلاف بين العلماء؛ فتقول: قال فلان وخالفه فلان.
ما العلم نصبك للخلاف سفاهــة
بين النصـوص وبين رأي فقيــه
ويقول آخر في حقيقة العلم:
كل العلـوم سـوى القرآن مشغلة
إلا الحديـث وإلا الفقه فـي الديـن
يعني أن العلم الحقيقي هو القرآن الذي هو كلام الله، وكذلك تفسيره الذي يبين معانيه، وكذلك الحديث أي الاشتغال بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك الاشتغال بالتفقه فيه. هذا هو حقيقة العلم.
كل العلـوم سـوى القرآن مشغلة
إلا الحديـث وإلا الفقه فـي الديـن
العلم مـا كـان فيـه قال حدثنـا
وما سوى ذاك وسـواس الشياطين
هكذا يفسر العلم؛ فحقيقة العلم ترجع إلى كتاب الله تعالى تعلمه حفظا وفهما، كما كان الصحابة رضي الله عنهم يتعلمون ألفاظه ثم يتعلمون معانيه، وبالأخص إذا كان فيه أوامر وإرشادات وما أشبهها، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: إذا سمعت الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فأرعها سمعك؛ فإنه خير تؤمر به أو شر تنهى عنه.
كذلك أيضا يقولون: إن هذا هو حقيقة العلم الذي هو كتاب الله تعالى، وتعلم ألفاظه وتعلم معانيه. كذلك أيضا تعلم الحديث لأنه بيانه. الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين القرآن للناس بقوله: لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ فالنبي صلى الله عليه وسلم بين في سنته ما قاله الله. وما في كلامه من الآيات المجملة بينها بأقواله وأفعاله، فالاشتغال بالحديث النبوي اشتغال بالعلم الصحيح.
وقد اشتغل العلماء رحمهم الله تعالى بهذين الأصلين الكتاب والسنة؛ فذكروها أقساما. فجعلوا قسماً يتعلق بالعقائد والتوحيد، وجعلوا له أهميته، وأدلته مأخوذة من الوحيين. كذلك أيضا قسماً آخر وهو الأحكام التي هي الأدلة على الأوامر والنواهي، على الحلال والحرام، على الواجبات والمنهيات؛ هذه أيضا سموها بكتب الأحكام؛ فهي من العلم.
القسم الثالث: الآداب والأخلاق التي أدب بها الإسلام أهله؛ هذه أيضا من العلم. فيكون العلم في هذه الأقسام الثلاثة؛ يعني في الكتاب والسنة هذه هو الأصول، ثم قسمها العلماء؛ يعني تقسيما صحيحا إلى كتب تتعلق بالعقيدة، وكتب تتعلق بالأحكام، وكتب تتعلق بالآداب. فإذا اشتغل المسلم بهذه الأقسام الثلاثة حصل على العلم، ومراجعها معروفة.